الأربعاء، 22 أكتوبر 2008
التفكير الناقد
إعداد الأستاذ : رياض الزعبي
مقدمة
يشعر إنسان اليوم بأنه يعيش حياة مضطربة ، فهناك المشكلات المتراكمة التي يواجهها سواء في مجتمعه أو على سطح هذا الكوكب المحدود في موارده و الذي يهدده بالخطر ، فبات عليه أن يقف في وجه هذا التحدي ، و البحث عن العقول الناقدة و المبتكرة لتأتي بحلول جديدة و مثالية ، قد تهدئ من اضطرابه و تخفق من حدة الصراع الذي يعانيه و تساعده على تطوير مجتمعه و تقدمه ، و بذلك أصبحت دراسة التفكير الناقد و الإبداعي بمكوناتهما المختلفة من بين الأمور التي تتحدى الباحثين بشكل عام و المربين بشكل خاص .
لقد أكد توينبي عام 1962م على أهمية تنمية قدرات التفكير الناقد و الإبداعي بالنسبة لأي مجتمع بقوله : " إن إعطاء الفرص المناسبة لنمو الطاقات المفكرة هي مسألة حياة أو موت بالنسبة لأي مجتمع من المجتمعات " .[1]
إن التفكير الناقد ليس موجوداً بالفطرة عند الإنسان ، فمهارته متعلمة و تحتاج إلى مران و تدريب ، و التفكير الناقد لا يرتبط بمرحلة عمرية معينة ، فكل فرد قادر على القيام به وفق مستوى قدراته العقلية و الحسية و التصورية و المجردة . فالتفكير الناقد يتأتى باستخدام مهارات التفكير الأخرى كالمنطق الاستدلالي و الاستقرائي و التحليلي ، ومن الصعب انشغال الذهن بعملية التفكير الناقد دون دعم عمليات تفكير أخرى .
و يعد التفكير الناقد المفتاح لحل المشكلات اليومية التي تواجهنا كمعلمين ، فإذا لم نستخدم التفكير الناقد نصبح جزءاً من المشكلة . و عادة ما يتعرض المعلمون لمواقف يضطرون فيها لصنع القرارات الحاسمة ، والتكيف مع هذه المواقف الجديدة و تحديث المعلومات بشكل مستمر ، هو المبرر للتفكير الناقد .
و في ظل هذه الاهتمامات بالتفكير الناقد كسمة عقلية ضرورية للإنسان ، كان اهتمام هذه الدراسة في تناول هذا النوع من التفكير الإنساني ، و للبحث عن تنمية هذه السمة في الغرفة الصفية .
التربية النقدية
تهدف التربية النقدية إلى تكوين العقل بما يمكنه من إصدار الحكم على الأفكار و التصورات و الأحكام الأخرى لمعرفة مدى انسجامها و اتساقها عقلياً قبل اعتمادها ، فالعقلية النقدية لا تقبل الأمور و الحوادث كما تروى لها ، و لا تسرع إلى تصديقها ، بل تعرضها على ميزان العقل ومحك التجربة لتتحقق من مدى صحتها أو خطئها . لذا ألح ديكارت في قاعدته المشهورة " البداهة "على ألا يسلم المرء بأمر أنه حق ما لم يتأكد بالبداهة أنه كذلك .
و التربية النقدية عكس التلقينية ، فالأخيرة تحيل الإنسان إلى وعاء متلق و تغتال فيه كل تفاعل خلاق ، ويصبح السبيل الوحيد للاندماج في الجماعة هو التسليم الكلي للتصورات و الخضوع للأحكام التي تفرضها القبيلة أو العائلة أو الصحبة ، مع فقدان القدرة على مراجعة الأفكار المسبقة أو إنتاج أفكار جديدة .
و لكي تعمل التربية على تنمية ملكة النقد ينبغي لها استبعاد التلقين ما أمكن ذلك ، باعتباره معيقاً رئيساً و مثبطاً لكل انفعال نفسي و عقلي ، و باعتباره الربيب الأول للامتثال و الخضوع .
و يمكن للمعلم أن يشجع طلابه دوماً على القراءة الفاحصة ، و ينمي قدرتهم على الملاحظة الدقيقة للرسومات و المعطيات ، وألا يتسرع هو في إصدار الأحكام الصائبة و الأحكام الخاطئة التي تصدر كاستجابات من جانب الطلبة ، ليشرك الآخرين و يشجعهم على إعمال العقل و يحتفظ المعلم في النهاية بإيجاز الموقف و إغلاقه بصورة مقنعة و ليظهر أن هذا القرار الصحيح ، هو نتاج للتفكير و المشاركة الجمعية بما فيها المحاولات الخطأ .
مفهوم التفكير الناقد
من خلال استعراض التعريفات المختلفة المنشورة في أدبيات التفكير الناقد ، يلاحظ أن الباحثين
يختلفون في تحديد مفهوم التفكير الناقد ، و قد يرجع ذلك إلى اختلاف مناحي الباحثين و اهتماماتهم العلمية من جهة ، و إلى تعدد جوانب هذه الظاهرة و تعقدها من جهة أخرى .
في اللغة : ورد الفعل " نقد" في لسان العرب بمعنى ميز الدراهم و أخرج الزيف منها . فنقد الدراهم أي ميز الذهبية منها ، بمعنى أكتشف الزائفة . كما ورد تعبير " نقد الشعر" في المعجم الوسيط بمعنى أظهر ما فيه من عيب أو حسن. و يفهم من ذلك إظهار المحاسن و العيوب و تنقية و عزل ما حاد عن الصواب .
و من الناحية الفلسفية : نجد أن النقد ينحى إلى شروط العقل و مقاييسه التي تضمن تصورات صحيحه و تعطي قيمة صائبة للأفكار و الأحكام ذاتها .
في الأدب التربوي : هناك عدد من التعريفات التي وردت للتفكير الناقد :
يرجع مفهوم التفكير الناقد في أصوله إلى أيام سقراط التي عرفت معنى غرس التفكير العقلاني بهدف توجيه السلوك . و في العصر الحدث بدأت حركة التفكير الناقد مع أعمال جون ديوي عندما استخدم فكرة التفكير المنعكس و الاستقصاء و في الثمانينات من القرن العشرين بدأ فلاسفة الجامعات بالشعور أن الفلسفة يجب أن تعمل شيئا للمساهمة في حركة إصلاح المدارس و التربية . و من ثم بدأ علماء النفس المعرفيون و التربويون في بناء وجهات النظر الفلسفية المتعلقة بالتفكير الناقد ووضعها في أطر معرفية و تربوية لاستغلال القدرات العقلية و الإنسانية .(عصفور و رفيقه ، 1999) .
على الرغم من تعدد التعريفات للتفكير الناقد و لكن يمكن أن تنظمها صيغتان :
الأولى : توصف بالشخصية و الذاتية : وهي تركز على الهدف الشخصي من وراء التفكير الناقد كما جاء في تعريف انيس(ENNIS) ، حيث هو تفكير تأملي معقول يركز على اتخاذ القرار فيما يفكر فيه الفرد أو يؤديه من أجل تطوير تفكيره و السيطرة عليه ، إنه تفكير الفرد في الطريقة التي يفكر فيه حتى يجعل تفكيره أكثر صحة ووضوحاً و مدافعاً عنه .
و الثانية : تركز على الجانب الاجتماعي من وراء التفكير الناقد ، إذا هو عملية ذهنية يؤديها الفرد عندما يطلب إليه الحكم على قضية أو مناقشة موضوع أو إجراء تقويم . إنه الحكم على صحة رأي أو اعتقاد و فعاليته عن طريق تحليل المعلومات و فرزها و اختبارها بهدف التمييز بين الأفكار الإيجابية والسلبية .
و قد ركز انيس(ENNIS) على افتراضين في تعريفه ( قطامي ، 1990، 699) :
أن التفكير الناقد نشاط ذهني عملي .
يتضمن التفكير الناقد تفكيراً إبداعياً ، يتضمن بدوره صياغة الفرضيات و الأسئلة و الاختبارات و التخطيط للتجارب .
كما و حدد انيس(ENNIS) الصفات العملية الإجرائية للتفكير الناقد على النحو التالي (قطامي ، 1990 ، 707 ) :
1. تقويم المناقشات .
2. التفسير .
3. معرفة الافتراضات .
4. التقويم .
5. الاستنباط .
ووضع انيس(ENNIS) غايات المناهج التي تنمي التفكير الناقد ، إذ قسمها إلى نوعين : القابليات ، القدرات .
تعريف واطسون – جلاسر : بأنه فحص المعتقدات و المقترحات في ضوء الشواهد التي تؤيدها و الحقائق المتصلة بها ، بدلا من القفز إلى النتائج .
و يفترض واطسون – جلاسر أن التفكير يتضمن ثلاثة جوانب ، وهي :
1. الحاجة إلى أدلة و شواهد تدعم الآراء و النتائج قبل الحكم على موثوقيتها .
2. تحديد أساليب البحث المنطقي التي تسهم في تحديد قيم ، ووزن الأنواع المختلفة من الأدلة و أيها يسهم في التوصل إلى نتائج مقبولة .
3. مهارات استخدام كل الاتجاهات والمهارات السابقة .
& استعرض نيدلر (قطامي ، 1990، 707) ، (12) مهارة من مهارات التفكير الناقد في مقالته إذ افترض أن معرفة هذه المهارات يمكن أن تغير في بناء المناهج التي تنمي أساليب التفكير الناقد وهي : -
1. القدرة على تحديد المشكلات و المسائل المركزية ، و هذا يسهم في تحديد الأجزاء الرئيسية للبرهان أو الدليل .
2. تمييز أوجه الشبه و أوجه الاختلاف ، وهذا يسهم في القدرة على تحديد الخصائص المميزة ، ووضع المعلومات في تصنيفات للأغراض المختلفة .
3. تحيد المعلومات المتعلقة بالموضوع أو التحقق منها ، و تمييز المعلومات الأساسية عن المعلومات الهامشية الأقل ارتباطاً .
4. صياغة الأسئلة التي تسهم في فهم أعمق للمشكلة .
5. القدرة على تقديم معيار للحكم على نوعية الملاحظات والاستنتاجات.
6. القدرة على تحديد ما إذا كانت العبارات أو الرموز الموجودة مرتبطة معاً ومع السياق العام .
7. القدرة على تحديد القضايا البديهة و الأفكار التي لم تظهر بصراحة في البرهان و الدليل.
8. تمييز الصيغ المتكررة .
9. القدرة على تحديد موثوقية المصادر .
10. تمييز الاتجاهات و التصورات المختلفة لوضع معين .
11. تحديد قدرة البيانات و كفايتها و نوعيتها في معالجة الموضوع .
12. التنبؤ بالنتائج الممكنة أو المحتملة ، من حدث أو مجموعة من الأحداث.
و يرى بول ( قطامي ، 1999) ، أنه يجب على الطلبة أن يعرفوا أن هناك ميلاً طبيعياً لدى الناس لأخذ نظرتنا المتكونة عن الآخرين بعين الاعتبار ، و ينبغي علينا أن نفاضل باستمرار للتغلب على الميل ، ويميز بين " المعنى الضعيف " و المعنى القوي للتفكير الناقد ، إذ أن الأفراد الذين يستخدمون مهارتهم في التحليل و المحاورة و يدفعون من ذلك مهاجمة و تقليل أهمية آراء أولئك الذين لا يتفقون معهم ، إنما يمارسون " المعنى الضعيف " من التفكير الناقد . أما التفكير الناقد ذو المعنى القوي فهو الذي يحرر الفرد من حالة العجز عن إدراك وجهات نظر الآخرين ، ويدرك ضرورة وضع افتراضاته وأفكاره موضع اختبار و فحص قوي الآراء المعارضة آراء و أفكاره .
و يعرف التفكير الإبداعي مقابل ذلك بأنه " القدرة على صياغة الأفكار في مجموعات جديدة لتحقيق هدف ما " ، أما مور فيرى أن التفكير الإبداعي يمكن أن يعرف أن الصياغة الممكنة للمشكلة ، أو توضيح الظاهرة ، بينما يعرف التفكير الناقد بأنه فحص و تقييم هذه الحلول أو التوضيحات و يشبه التفكير الناقد العملية الذهنية التي يؤديها الفرد عندما يطلب إليه الحكم على قضية أو مناقشة موضوع أو إجراء تقييم و يمكن تحديد الخطوات التي يؤديها الفرد عندما يطلب إليه الحكم على قضية أو مناقشة موضوع أو إجراء تقييم و يمكن تحديد الخطوات التي يمكن أن يسير بها المتعلم لكي يتحقق لديه مهارات التفكير الناقد على النحو التالي :
1. جمع سلسلة من الدراسات و الأبحاث و المعلومات و الوقائع المتصلة بموضوع الدراسة.
2. استعراض الآراء المختلفة المتصلة بالموضوع .
3. مناقشة الآراء المختلفة لتحديد الصحيح منها و غير الصحيح .
4. تمييز نواحي القوة و نواحي الضعف في الآراء المتعارضة .
5. تقييم الآراء بطريقة موضوعية بعيدة عن التحيز و الذاتية .
6. البرهنة و تقديم الحجة على صحة الرأي أو الحكم الذي تتم الموافقة عليه .
7. الرجوع إلى مزيد من المعلومات إذ ما ستدعى البرهان و الحجة ذلك .
تعريفات أخرى ( أنظر جروان ، 1999م ) :
& بريال : يرى أن التفكير التأملي هو جزء من التفكير الناقد أو أحد مظاهره ، إذ يعتبره مجموعة من التخيلات البعيدة عن الأشياء الحسية ، الأفكار المنطقية التي تسير وفق الأسلوب والطريقة التقليدية ( السير من المقدمة للوصول إلى التعميم ) . كما يرى أن معظم النظريات العلمية المشهورة كانت قد بدأت كفكرة تأملية تخيلية بعيدة عن الواقع و المنطق ، لهذا يرى أنه يمكن تنمية الإبداع لدى الطلبة وكذلك لتهيئة الفرص أمامهم لممارسة الحرية في التفكير بالأشياء المألوفة ووضع بدائل و احتمالات للأشياء المستحيلة .
التفكير الناقد هو فحص و تقييم الحلول المعروضة .
التفكير الناقد : هو حل المشكلات أو التحقق من الشيء و تقييمه بالاستناد إلى معايير متفق عليها مسبقاً .
التفكير الناقد : هو التفكير الذي يتطلب استخدام المستويات المعرفية العليا في تصنيف بلوم ، و هي التحليل و التركيب و التقويم .
يعرف سميث : بأنه مفهوم عام يعود إلى مهارات مختلفة مطلوبة للحكم على صحة المعلومات الواردة فيها و دقتها .
و يعرف جون ديوي في كتابه (كيف نفكر ) بالقول : " أنه التمهل في إعطاء الأحكام و تعليقها لحين التحقق من الأمر " .
و في ضوء ما ورد من تعريفات للتفكير الناقد ، فإن الباحثان يتبنيان تعريف واطسون – جلسر ، والمتفق عليه في موسوعة علم النفس التربوي ، كما يمكن التوصل إلى الاستنتاجات التالية :
صعوبة وضع تعريف محدد للتفكير الناقد ، حيث عرفه البعض بأنه منهج في التفكير ، و عرفه آخرون بأنه مجموعة من المهارات ، بينما عرفه فريق ثالث اعتبره عمليات عقلية .
التفكير الناقد سلوك فردي ، علمية التفكير فيه تتضمن خطوات حل المشكلة .
على الرغم من تعدد التعريفات للتفكير الناقد ، إلا أنها تلتقي في قواسم مشتركة منها :
تقييم الأدلة المتوفرة و مصادر المعلومات .
الابتعاد عن القفز إلى النتائج .
توفر الفرص للتدريب على صنع القرارات .
استخدام العقل بفاعلية عالية .
ما هو الجديد عن التفكير الناقد ؟ (Alfaro – Lefevre , 1995, 13 ).
& أظهرت نتائج الدراسات الحديثة أن نتائج اختبارات الذكاء لا تعبر حقيقة عن مستوى الذكاء ، و أن هناك الكثير من مظاهر الذكاء التي تؤثر في التفكير الناقد لا تقيسها اختبارات الذكاء .
& اصبح تعليم التفكير الناقد حاجة ملحة ، و ممارسة مهارات التفكير تساعدنا على أن نصبح مفكرين بشكل أفضل .
& إن المعلومات الواردة من علم الأعصاب و تشريح الدماغ تشير إلى أن الدماغ يشبه العضلة ، و كلما استخدمناه أصبح أكثر فعالية .
& إن الأساليب الجديدة في التفاعل مع المعلومات خلال المحاضرات و القراءات و النقاشات الجماعية لتعزيز التعلم و الفهم تؤكد أن التفكير الناقد فاعل و ليس سلبياً .
& إن الاهتمامات الشخصية و الميول مثله مثل العامل الجمالي و التشويقي لها الدور الفاعل في تطوير الاتجاهات اللازمة للتفكير .
& زيادة الاهتمام بعمليات التفكير المنطقي تؤدي إلى الاهتمام بمعرفة كيفية صنع القرارات و الاستنتاجات و توضيح طبيعة مثل هذه القرارات و الاستنتاجات .
& التركيز على فهم وجهات النظر الأخرى و استخدام وجهات نظر مختلفة لتطوير القدرة على التفكير المنطقي ، فالعقول المفكرة ليست بالضرورة متشابهة .
& القناعة المتزايدة بفكرة " أن ليس هناك طريق واحد للحل " و فكرة " أن ليس هناك جواباً واحداً صحيحاً " بعبارة أخرى أن كل جواب صحيح في سياقه المناسب .
& الاعتراف المتزايد بفكرة الأخطاء المفيدة و بفكرة أن الفشل المرحلي هو ثمن النجاح و التطور . و الاقتناع بعمليات المشاركة في الخطأ و التي تساعد الآخرين على تجنب نفس الأخطاء .
& تطوير استراتيجيات جديدة تساعد على الاستفادة من آلية عمل دماغنا و هذا ما يتضمن كيفية : حفظ المعلومات في الذاكرة طويلة الأمد ، تشكيل عادات جيدة للاستقصاء .
القدرات اللازمة للتفكير الناقد :
v الدقة في ملاحظة الوقائع و الأحداث .
v تقييم موضوعي للمواضيع و القضايا .
v القدرة على استخلاص النتائج بطريقة منطقية سليمة.
v توافر الموضوعية لدى الفرد و البعد عن العوامل الشخصية .
تنمية التفكير الناقد (وجيه ،1976 ، 370) :
و حتى يمكن تنمية التفكير الناقد ، فإن ذلك يتطلب مراعاة عدد من العوامل المتصلة وهي :
· النقد العلمي و عدم الانقياد للآراء الشائعة التي يتناقلها الناس .
· البعد عن النظر إلى الأمور من وجهة النظر الخاصة و التعصب لها .
· البعد عن أخذ وجهات النظر المتطرفة .
· عدم القفز إلى النتائج .
· التمسك بالمعاني الموضوعية ، وعدم الانقياد للمعاني العاطفية .
معايير التفكير الناقد ( جروان 1999):
1) الوضوح : فإذا لم تكن العبارة واضحة فلن نستيطيع فهمها و لن نستطيع معرفة مقاصد المتكلم ، وبالتالي لن نستطيع الحكم عليها بأي شكل من الأشكال .
و لكي يدرب المعلم طلبته على الالتزام بوضوح بالعبارات في استجاباتهم ، يسألهم كالآتي :
q هل يمكن أن تعبر عن الفكرة بطريقة أخرى ؟.
q هل تستطيع أن تفصل هذه النقطة بصورة أوسع؟ .
q ما تقصد بقولك --- ؟ .
q
هل يمكن أن تعطيني مثالاً على ما تقول ؟ .
2) الصحة : يقصد بمعيار الصحة أن تكون العبارة صحيحة موثقة ، كأن نقول : أن معظم النساء في الأردن يعمرن أكثر من 65سنة ، دون أن يستند هذا القول إلى إحصائيات رسمية أو معلومات موثقة . ولكي يدرب المعلم طلبته على مراعاة هذا المعيار يسألهم كالآتي أثناء استجاباتهم :
q من أين جئت بهذه المعلومة ؟ .
q هل ذلك صحيح بالفعل ؟ .
q كيف يمكن التأكد من صحة ذلك ؟ .
q كيف يمكن أن نفحص ذلك ؟ .
3) الدقة : يقصد بالدقة في التفكير الناقد ، هو استيفاء الموضوع حقه من معالجة و التعبير بلا زيادة أو نقصان . و يستطيع المعلم أن يوجه الطلبة لهذا المعيار عن طريق السؤالين الآتيين:
¨ هل يمكن أن تكون أكثر تحديداً ؟ . في حالة الإطناب .
¨ هل يمكن أن تعطي تفصيلات أكثر ؟ في حالة الإيجاز الشديد .
4) الربط : يعنى الربط مدى العلاقة بين السؤال أو المداخلة أو الحجة أو العبارة بموضوع النقاش أو المشكلة المطروحة ، ومن الأسئلة المساعدة على ذلك :
v هل تعطي هذه الأفكار أو الأسئلة تفصيلات أو إيضاحات للمشكلة ؟ .
v هل تتضمن هذه الأفكار أو الأسئلة أدلة مؤيدة أو داحضة للموقف ؟ .
5) العمق : العمق المطلوب عند المعالجة الفكرية للمشكلة أو الموضوع و الذي يتناسب مع تعقيدات المشكلة أو تشعب الموضوع .
6) الإتساع :يقصد به أخذ جميع جوانب المشكلة أو الموضوع بالاعتبار و من الأسئلة التي يمكن إثارتها لذلك كما يلي :
¨ هل هناك حاجة لأخذ وجهة نظر أخرى بالاعتبار ؟ .
¨ هل هناك جهة أو جهات لا ينطبق عليها هذا الوضع ؟ .
¨ هل هناك طريقة أخرى لمعالجة المشكلة أو السؤال ؟ .
7) المنطق : من الصفات المهمة للتفكير الناقد أن يكون منطقياً في تنظيم الأفكار و تسلسلها و ترابطها بطريقة تؤدي إلى معنى واضح أو نتيجة مترتبة على حجج معقولة ، ويمكن إثارة الأسئلة الآتية للحكم على منطقية التفكير :
q هل ذلك معقول ؟ .
q هل يوجد تناقض بين الأفكار أو العبارات ؟ .
q هل المبررات أو المقدمات تؤدي إلى هذه النتيجة بالضرورة ؟ .
مكونات التفكير الناقد ( السيد ، 1995) :
" إن عملية التفكير الناقد لها مكونات خمسة ، إذا افتقدت إحداهم ، لا تتم العملية بالمرة ، إذ لكل منها علاقتها الوثيقة ببقية المكونات " . فالمكونات هي :
1. القاعدة المعرفية : وهي ما يعرفه الفرد و يعتقد فيه ، وهي ضرورية لكي يحدث الشعور بالتناقض .
2. الأحداث الخارجية : وهي المثيرات التي تستثير الإحساس بالتناقض .
3. النظرية الشخصية : وهي الصبغة الشخصية التي استمدها الفرد من القاعدة المعرفية بحيث تكون طابعاً مميزاً له ( وجهة نظر شخصية ) . ثم أن النظرية الشخصية هي الإطار التي يتم في ضوئه محاولة تفسير الأحداث الخارجية ، فيكون الشعور بالتباعد أو التناقض من عدمه.
4. الشعور بالتناقض أو التباعد : فمجرد الشعور بذلك يمثل عاملاً دافعاً تترتب عليه بقية خطوات التفكير الناقد .
5. حل التناقص : وهي مرحلة تضم كافة الجوانب المكونة للتفكير الناقد ، حيث يسعى الفرد إلى حل التناقض بما يشمل من خطوات متعددة ، وهكذا فهذه هي الأساس في بنية التفكير الناقد.
مهارات التفكير الناقد :
يختلف علماء النفس التربوي و المربين حول عدد المهارات المعرفية المتضمنة في التفكير الناقد ، وإن التقديرات لها تتراوح من عدة عشرات إلى عدة مئات ، وذلك بناء على الطريقة التي يتم بموجبها تعريف كل مهارة ، و فيما يلي بعض الطرق لتصنيف مهارات التفكير الناقد:
الطريقة الأولى : تم تصنيف مهارات التفكير الناقد إلى أن : ( عدس ، 1999 ) :
1. يبحث عن أسباب المشكلة .
2. يبحث عن تحديد واضح للمشكلة .
3. يستخدم مصادر معتمدة.
4. يحاول أن يحصل على المعلومة الصحيحة.
5. يحاول أن يظل على صلة بالنقطة الرئيسية.
6. يأخذ بالحساب الموقف بأكمله .
7. يكون مفتوح الذهن .
8. يبحث عن البدائل .
9. يحاول أن يكون دقيقاً ما أمكن .
10. يأخذ موقفاً معيناً .
11. يكون حساساً لمشاعر الآخرين و سوية معلوماتهم .
12. يتعامل مع كل جزء من الموقف بطريقة منتظمة.
الطريقة الثانية : تصنيف (أودل و دانيالز ) :
يصنف الباحثان (أودل و دانيالز ) مهارات التفكير الناقد في ثلاث فئات على النحو الآتي :
& مهارات التفكير الاستقرائي .
& مهارات التفكير الاستنباطي .
& مهارات التفكير التقييمي .
مهارات التفكير الاستقرائي :
التفكير الاستقرائي : هو عملية استدلال عقلي ، تستهدف التوصل إلى استنتاجات أو تعميمات تتجاوز حدود الأدلة المتوافرة أو المعلومات التي تقدمها المشاهدات المسبقة . فلو شاهدت في طريقي سيارتي أجرة صغيرتين تقطعان إشارة ضوئية حمراء ، ثم وصفت ذلك لصديق لك و أنهيت كلامك بالقول : " جميع سائقي سيارات الأجرة الصغيرة مستهترون لا يراعون الإشارات الضوئية " .
فإنك تكون قد تجاوزت حدود المعلومة التي انطبقت في حقيقة الأمر على سائقين فقط . وعممتها على فئة سائقي الأجرة الصغيرة دون استثناء ما توصلت له استنتاج استقرائي لا يمكن ضمان صحته بالاعتماد على الدليل المتوافر بين يديك و أقصى ما يمكن أن يبلغه استنتاج كهذا هو الاحتمالية في أن يكون صحيحاً .
إن التفكير الاستقرائي بطبيعته موجه لاكتشاف القواعد و القوانين ، كما أنه وسيلة مهمة لحل المشكلات الجديدة أو إيجاد حلول جديدة لمشكلات قديمة أو تطوير فروض جديدة . و عوضاً عن تجنب الاستقراء ، علينا أن نجعل استنتاجاتنا موثوقة إلى أقصى درجة ممكنة ، و ذلك بالحذر في إطلاق التعميمات أو تحميل المعلومات المتوافرة أكثر مما تحتمل خوفاً من الوقوع في الخطأ .
مكونات عملية الاستقراء :
1. تحليل المشكلات المفتوحة .
2. تحديد العلاقة السببية أو ربط السبب بالمسبب.
3. التوصل إلى استنتاجات .
4. الاستدلال التمثيلي .
5. تحديد المعلومات ذات العلاقة بالموضوع ، و يتطلب ذلك البحث بين السطور ، و تفسير العبارات و الأسباب و الأدلة المؤيدة منها و المخالفة و الخصائص و العلاقات و الأمثلة .
6. إعادة تركيبها أو صياغتها و حلها ، وقد تأخذ هذه العملية عدة أشكال من بينها :
§ التعرف على العلاقات عن طريق الاستدلال الرياضي أو العددي .
§ التعرف على العلاقات عن طريق الاستلال اللفظي.
§ حل مشكلات تنطوي على استبصار أو حدة ذهن .
§ التعرف على العلاقات عن طريق الاستدلال المكاني .
مهارات التفكير الاستنباطي :
التفكير الاستنباطي : هو عملية استدلال منطقي ، تستهدف التوصل لاستنتاج ما أو معرفة جديدة بالاعتماد على فروض أو مقدمات موضوعة و معلومات متوافرة . و يأخذ البرهان الاستنباطي شكل تركيب رمزي أو لغوي ، يضم الجزء الأول منه فرضاً أو أكثر يمهد الطريق للوصول إلى استنتاج محتوم . بمعنى أنه إذا كانت الفروض أو المعلومات الواردة في الجزء الأول من التركيب صادقة ، فلا بد أن يكون الاستنتاج الذي يلي في الجزء الثاني صادقاً ، ولتوضيح ذلك نورد المثال الأتي :
الفروض / المقدمات :
§ جميع لاعبي التنس الأرضي المحترفين رياضيون.
§ جميع الرياضيين أناس لديهم عضلات قوية.
الاستنتاج :
جميع لاعبي التنس الأرضي المحترفين أناس لديهم عضلات قوية .
إن الهدف من البرهان الاستنباطي هو تقديم دليل يتبعه و يترتب عليه بالضرورة استنتاج مقصود بعينه ، أما صدق البرهان من عدمه فيمكن تحديده بصورة أساسية عن طريق فحص بنائه أو مكوناته . فالبناء الذي لا يحقق الاستنتاج يجعل البرهان زائفاً حتى لو كانت فروضه أو مقدماته صادقة .
مثال :
جميع القطط حيوانات .
جميع الكلاب حيوانات .
الفروض / المقدمات :
الاستنتاج : إذاً جميع الكلاب قطط .
أبسط أشكال البرهان الاستنباطي : تلك التي تأتي على صورة قياس منطقي افتراضي ، وتتكون من فرض رئيس أو مقدمة كبرى و فرض فرعي أو مقدمة صغرى و نتيجة مستنبطة منها . و من الأشكال الصحيحة للقياس المنطقي الافتراضي :
1) أن يأتي الفرض الفرعي مؤكداً لمقدمة الفرض الرئيس :
مثال :
فرض رئيس / مقدمة كبرى :
إذا أمطرت تكون السماء ملبدة بالغيوم .
فرض فرعي مؤكد للمقدمة الكبرى : السماء تمطر . النتيجة : إذاً السماء ملبدة بالغيوم .
2) أن يأتي الفرض مناقضاً للشق الثاني من الفرض الرئيسي المترتب على مقدمته.
مثال :
q فرض رئيس : لو أخذ خالد الدواء لكان قد شفي .
q فرض فرعي مناقضاً للشق الثاني : لم يشف خالد .
q نتيجة : إذا ، لم يأخذ خالد الدواء .
إن استخدامنا لأسلوب الاستدلال الاستنباطي يفوق كثيراً ما قد يتبادر للذهن ، ذلك أن الكثير مما يعرفه كل واحد منا قد تم تعلمه عن طريق الاستنباط من أشياء أخرى نعرفها ، ولو أن معرفتنا مقصورة على ما تعلمناه بشكل مباشر و صريح لكانت بلا شك محدودة كماً و كيفاً . إن الاستدلال عن طريق الاستنباط المنطقي عملية تفكير مركبة تضم مهارات التفكير الآتية :
§ التعرف على المتناقضات في الموقف .
§ استخدام المنطق .
§ حل المشكلات قائمة على إدراك العلاقات المكانية .
§ تحليل القياس المنطقي .
مهارات التفكير التقييمي :
التفكير التقييمي : يعنى النشاط العقلي الذي يستهدف إصدار حكم حول قيمة الأفكار أو الأشياء و سلامتها و نوعيتها . أفضلها بأنها القدرة على التوصل إلى اتخاذ القرارات و إصدار الأحكام حول أفضلها ، البدائل و اختيار أفضلها.
و يتكون التفكير التقييمي من ثلاث مهارات أساسية :
أ ) إيجاد محكان أو معايير تستند إليها عملية إصدار الأحكام ، وتضم :
§ التعرف على الافتراضات الأساسية
§ التعرف على القضايا و المشكلات المركزية
§ التنبؤ بالمترتبات على فعل ما .
§ تقييم الفرضيات .
§ التخطيط لاستراتيجيات بديلة
§ التتابع في المعلومات .
ب ) البرهان أو إثبات مدى دقة الادعاءات ، و يضم :
v الحكم على مصداقية مصدر المعلومات عن طريق التحري حول مصداقية المرجع المكتوب ، مثل: سمعة المؤلف أو الكتاب ، ودقته ، ومجال تخصصه ، ودرجة الاتفاق بينه و بين مصادر أخرى للمعلومات ، و التحقق من عدم وجود مصالح أو أغراض شخصية وراء كتاباته.
v المشاهدة و الحكم على تقارير المشاهدات .
v تحري جوانب التحيز و الأنماط و الأفكار المبتذلة .
v التعرف على اللغة المشحونة .
v تصنيف المعلومات .
v تحديد الأسباب الواردة و غير الواردة في الموقف .
v مقارنة أوجه الشبه و أوجه الاختلاف .
v تقييم الحجج أو البراهين و المناظرات .
ج ) التعرف على الأخطاء أو الأفكار المغلوطة منطقياً و تحديدها ، و يندرج تحته :
· التفريق بين الحقائق و الآراء .
· التعرف على المعلومات ذات الصلة بالموضوع .
· التعرف على الاستدلال العقلي الواهي أو الاستنتاجات المغلوطة .
خصائص المفكر الناقد ( جروان ، 1999، 63-64 ) :
يمكن استخلاص الخصائص و السلوكيات التي أوردها باحثون متخصصون في وصف الشخص الذي يفكر تفكيرا ناقداً ، وهي أن يكون :
q يفرق بين الرأي و الحقيقة .
q منفتح على الأفكار الجديدة .
q يعرف متى يحتاج إلى معلومات جديدة حول شيء ما .
q يعرف الفرق بين نتيجة "ربما تكون صحيحة" و نتيجة "لا بد أن تكون صحيحة".
q يستخدم مصادر علمية موثوقة و يشير إليها .
q يعتمد الطريقة المنظمة في التعامل مع المشكلات .
q يعرف بأن لدى الناس أفكارا مختلفة حول معاني المفردات .
q يأخذ جميع جوانب الموقف بنفس القدر من الأهمية .
q حب الاستطلاع و المرونة .
q يتساءل عن أي شيء غير مقبول .
q يبحث في الأسباب و الأدلة و البدائل .
q يتخذ موقفاً و يغيره عند توفر الأدلة .
q يعرف المشكلة بوضوح .
q يتأنى في إصدار الأحكام .
q الموضوعية و البعد عن العوامل الذاتية.
q يحاول فصل التفكير العاطفي عن التفكير المنطقي .
لماذا نعلم الطالب التفكير الناقد ؟ .
& إن الطلبة عادة ما يكونوا مستقبلين سلبيين للمعلومات ، و في ظل التكنولوجيا الحديثة فإن كم المعلومات المتوافرة كبير جدا و في تزايد مستمر و بالتالي يحتاج الطلبة أن يتعلموا كيفية اختيار اللازم و المفيد من المعلومات لا أن يكونوا مستقبلين سلبيين . لذا فمن المهم للطالب أن يطور و يطبق بفعالية مهارات التفكير الناقد في دراساتهم الأكاديمية و مشاكلهم اليومية ، و كذلك عن الخيارات الصعبة التي يجب مواجهتها من خلال التفجر المعرفي التكنولوجي السريع.
& إن التفكير الناقد يتضمن إثارة الأسئلة و التساؤل و هذا مهم بالنسبة للمتعلم حيث يتعلم إثارة الأسئلة الجيدة و كيفية التفكير تفكيراً ناقداً و ذلك من أجل التقدم في مجال التعلم و التعليم و في مجال المعرفة ، حيث إن المجال المعرفي يبقى حياً و متجدداً طالما هناك أسئلة تثار و تعالج بجدية .
& إن تدريس التفكير الناقد يصمم عادة لفهم العلاقة ما بين اللغة و المنطق ، وهذا ما يؤدي إلى إتقان مهارات التحليل والنقد و الدفاع عن القضايا و التفكير الاستقرائي و الاستنباطي و التوصل للنتائج الحقيقية و الواقعية من خلال العبارات الواضحة للمعرفة و المعتقدات .
إن التفكير الناقد عبر المجالات المعرفية يشمل الخصائص المشتركة التالية :
1. إن التفكير الناقد مهارة قابلة للتعلم من قبل المعلمين و الزملاء كمصادر للتعلم .
2. تستخدم المشاكل و الأسئلة و المواضيع كمصادر لإثارة دافعية التعليم .
3. إن المساقات تتمركز حول التعيينات و أوراق العمل و لا تتمحور حول الكتاب المنهجي و المحاضرات التلقينية .
4. أن الأهداف و الأساليب التعليمية و التقويم تؤكد استخدام المحتوى المعرفي و ليس مجرد اكتسابه .
5. على الطلبة أن يكونوا أفكارهم و يبرروها كتابياً .
6. على الطلبة التعاون من أجل التعلم و من اجل تعزيز أساليب تفكيرهم .
التفكير الناقد و التعليم الصفي :
الأمر المسلم بأن لعملية التعليم الصفي مكونين رئيسيين هما : - سلوك المعلم و سلوك المتعلم ، وإن لسلوك المعلم الدور الأساسي في إنتاج الفكر و السلوك الأخلاق عند المتعلم ، وفي كتابه " كيف تصبح إنساناً " ركز روجرز على جانبين مهمين في سلوك المعلم يعملان على بناء مفهوم إيجابي عند المتعلم هما : الصحة النفسية للذات ، و الحرية النفسية ، كأمرين ضروريين في أية عملية تعلم . فالمعلم يشجع التفكير الناقد حينما يقبل الطلبة كما هم من دون شروط ، و حينما يخلق جواً يتقبل فيه مشاعر الآخرين و يفهم ذواتهم ، و لا يستند في تقويمه لهم إلى معايير خارجية .
أدوار المعلم في تعليم التفكير الناقد :
عند مناقشة أهمية دور المعلم في تفعيل عمليات التفكير الناقد عند الطلبة ، يجب أن ندرك دوره كقدوة ، من خلال الأدوار التي يقوم بها كي يسهل عملية التفكير الناقد عند الطلبة ، ومن هذه الأدوار ما يأتي :
1) المعلم مخطط لعملية التعليم : ينظم المعلم في خطط دروسه اليومية و الخطط الفصلية أهداف الأداء ، و عينات الأسئلة و المواد التعليمية و النشاطات التي من شأنها أن تحدد أهداف التعليم ووسائل تحقيقها .
2) المعلم مشكل للمناخ الصفي : إن المناخ الصفي المبني على ديناميات المجموعة و المشاركة الديمقراطية هو الذي يوطد مناخ جماعي متماسك ، يقدر فيه التعبير عن الرأي ، و الاستكشاف الحر ، و التعاون ، و الدعم ، و الثقة بالنفس ، و التشجيع .
3) المعلم مبادر : و ذلك عن طريق استخدام تشكيلة من المواد و النشاطات و تعريف الطلبة بمواقف تركز على المشكلات الحياتية الحقيقية للطلبة ، و يستخدم أسلوب طرح الأسئلة لإشراك الطلبة بفاعلية .
4) المعلم محافظ على التواصل : إن أسهل مهمة يمكن أن يمارسها المعلم هي إثارة اهتمام الطلبة بقضايا ممتعة و حقيقية ، وإنما الصعوبة التي يواجهها هي في الحفاظ على انتباههم ، وهذا يستدعي من المعلم استخدام مواد و نشاطات و أسئلة مثيرة لتحفيز الطلبة .
5) المعلم مصدر للمعرفة : يلعب المعلم في كثير من الحالات دور مصدر للمعرفة ، إذ يقوم بإعداد المعلومات و توفير الأجهزة و المواد اللازمة للطلبة لاستخدامها ، في حين يتجنب تزويد الطلبة بالإجابات التي تعوق سعيهم الحثيث للوصول إلى استنتاجات يمكنهم التوصل إليها بأنفسهم و تكوينها .
6) المعلم يقوم بدور السابر : و ذلك من خلال طرح أسئلة عميقة متفحصة ، تتطلب تبرير أو دعماً لأفكارهم و فرضياتهم و استنتاجاتهم التي توصلوا إليها .
7) المعلم يقوم بدور القدوة : يقوم المعلم بوصفه أنموذجاً بتقديم السلوك الذي يبين أنه شخص مهتم ، محب للاستطلاع ، ناقد في تفكيره وقراءته ، منهمك بحيوية ، مبدع ، متعاطف ، راغب في سبر تفكيره سعياً وراء الأدلة .
المعلم كنموذج للتفكير الناقد :
يتصف بالصفات التالية :
ü منفتح الذهن بحيث يشجع الطلبة على تبني أفكارهم الخاصة و أن لا يتقيدوا بما يقوله المعلمون فقط.
ü غير متشدد بالمواقف و خاصة عندما تكون الأدلة واضحة و متناقضة مع مواقفه و الاعتراف بالخطأ عند الضرورة .
ü إبداء الاهتمام و الالتزام بالتعلم .
ü البدء بالتنظيم و التحضير اللازم لتحقيق أهداف التعلم .
ü أن يكون حساسا لمشاعر الآخرين و مستوى معرفتهم و درجة ثقافتهم .
ü السماح للطلبة بالمشاركة في وضع القوانين و اتخاذ القرارات المتعلقة بكل جوانب التعلم و الذي يشمل أيضاً الاختبارات و التقويم .
و من خصائص سلوك المعلم التعليمي و الاجتماعي الذي يشجع و ينمي التفكير الناقد عند الطلبة ( عصفور و رفيقه ، 32 ) :
v طلب تحري الأفكار المطروحة ، و السير وفق إستراتيجيات استقرائية .
v إزعاع الطلبة بالبدائل .
v طرح الأسئلة المفتوحة .
v الطلب إلى الطلبة محاسبة ما يجري في المناقشات الصفية .
v التركيز في المناقشات الصفية على التباين و البحث عن العمل .
v احترام قيمة الرأي الفردي مع عدم إغفال أهمية الأغلبية .
v التوضيح للطلبة بأن معارضة الفكرة ليس دليلاً على قلة أهميتها .
v الإصغاء لوجهة نظر الآخرين حتى يفهم ما يرمون إليه و يحاكم أفكارهم .
v إتاحة الفرصة للجميع للتعبير عن أفكارهم .
v استخدام أسلوب الإقناع و الاقتناع باعتبارهما أسلوبين في التعامل الاجتماعي الراقي .
v توفير فرص للطلبة لاكتشاف التنوع في وجهات النظر في ظل بيئة مدعمة .
v تشجيع الطلبة على متابعة تفكيرهم و سبر جوانب القضية المطروحة ، وأن لا يقبلوا ببساطة ما يقوله المعلم لهم .
v مراعاة مشاعر الآخرين ، و السماح بحصول أخطاء .
v و أخيراً فإن المعلم الذي ينمي التفكير الناقد يتصف بأنه صاحب عقل منفتح ، يستخدم معايير نوعية ، ويحترم الرأي و الرأي الآخر و ينمي الاستقلالية الفكرية عند طلبته .
النشاطات التعليمية المقترحة لتنمية التفكير الناقد ( عصفور و رفيقه ، 32):
q إغناء المناهج و الكتب المدرسية بمهارات التفكير الناقد .
q إدارة نقاشات و مناظرات في مواضيع عامة ، حيث يقدم الطلبة آرائهم التي تحمل وجهات نظر مختلفة ، و تبني كل مجموعة وجهة نظر معينة تدافع عنها في مواجهة الرأي الآخر .
q استخدام لعب الأدوار في القضايا التي تحمل نزاعات ما .
q تشجيع الطلبة على حضور الاجتماعات أو مشاهدة برامج التلفاز التي تقدم وجهات نظر مختلفة .
q تشجيع الطلبة على الكتابة بشأن موضوع مهم في حياتهم ، و مناقشة ما يكتبون .
q تشجيع الطلبة على تحليل مقالات الصحف و إيجاد أمثلة عن التحيز أو التعصب 00
q تشجيع الطلبة على طرح أسئلة لها إجابات متعددة .
q تشجيع الطلبة على قراءة الأدب الذي يعكس قيما و تقاليد مختلفة و مناقشة ذلك .
q دعوة مهتمين بالقضايا العامة " يحمل كل منهم وجهة نظر مختلفة " و مناقشتهم .
استراتيجيات تعليم التفكير الناقد :
قسم باول ( المشار له لدى الحارثي ، 1999م ) استراتيجيات التفكير الناقد إلى ثلاثة أنواع هي :
1) استراتيجية المهارات الصغيرة : و يقصد بها المهارات الأولية البسيطة التي تتعلق بالقدرة العامة للطفل و شعوره بنفسه مثل تعريف معاني الكلمات بدقة ، ومعرفة المهارات العددية البسيطة .
2) الاستراتيجية العاطفية : و تهدف إلى تنمية التفكير المستقل أي تنمية اتجاه " أستطيع أن أعمل هذا العمل وحدي " ، وحتى يتمكن الأطفال من تعلم هذه العادة فإنهم بحاجة إلى نموذج حي من الكبار مثل المعلم ، "القدوة الحسنة " و يحتاج الأطفال إلى رؤية من يفكرون باستقلالية إذا أردنا أن ننمي لديهم التفكير المستقل . و لا يكفي أن يتعرف الطالب على أفكاره الخاصة بل يجب أن يتفهم وجهات نظر الآخرين . ومن أمثلة ذلك معرفة كيف يمكن لشخصين شاهداً مشاجرة واحدة في الساحة أن يصفاها بطريقة مختلفة .
3) استراتيجية القدرات الكبيرة : يقصد بالقدرات الكبيرة العمليات المتضمنة في التفكير ، فعندما نريد تنمية التفكير الناقد فلا نركز على جزئيات التفكير و إهمال النظرة الكلية الشاملة . فالتلميذ الذي يمارس قوانين رياضية من أجل تلك القوانين نفسها دون معرفة للدوافع المنطقية وراء استخدام تلك القوانين لا تسهم كثيراً في تنمية التفكير الناقد ، ومن الأسئلة التي يفضل طرحها بعد حل التمرين باستخدام القوانين هي :
& هل هذه هي الطريقة الوحيدة لحل المشكلة ؟ .
& هل هذه هي أفضل الطرق لحل المشكلة ؟ .
& ألا تستطيع التفكير بطريقة أخرى .
& أي الطرق أفضل ؟ و لماذا ؟ .
و يمكن استخدام استراتيجية حل المشكلات لتعلم و تعليم التفكير الناقد ، يعرف آل ياسين طريقة حل المشكلات بأنها : طريقة في التفكير العلمي تقوم على الملاحظة الواعية والتجريب و جمع البيانات و المعلومات من أجل الوصول إلى حل معقول ( محمود و آخرون ، 1996م ) .
و يمكن استخلاص خطوات حل المشكلات ، وهي على النحو التالي :
1. الشعور بالمشكلة : يبدأ التفكير العلمي من وجود حافز لدى الطلبة وهو شعورهم بوجود مشكلة ما ، فهذا الشعور يدفع الشخص إلى البحث عن حل المشكلة .
2. تحديد المشكلة : تتداخل هذه الخطوة مع الخطوة السابقة ، فأثناء شعور الطلبة بالمشكلة ورغبتهم في الحصول على معلومات عنها ، يقوم المعلم بتوجيههم ليقوموا بتحديد المشكلة تحديداً يجعلها واضحة أمامهم و تتضمن هذه الخطوة : تحليل المشكلة من جميع جوانبها المختلفة التي هي بمثابة مشكلات فرعية .
3. وضع الفرضيات : و هي حلول مقترحة بحيث تكون واضحة وواقعية يمكن التحقق من صحتها و أن لا تكون كثيرة تشتت أذهان الطلبة وجهدهم .
4. جمع البيانات و المعلومات ذات الصلة بالمشكلة : ويكون جمع البيانات و المعلومات اللازمة المتعلقة بأحد جوانب المشكلة التي تم تحديدها ، و تتم هذه الخطوة تحت إشراف و توجيه المعلم الذي يوضح كيفية الحصول على البيانات و المعلومات و اختيارها و أماكن وجودها .
5. اختبار الفرضيات : يتم في هذه الخطوة أولاً : التأكد من أن المعلومات و البيانات التي جمعها الطلاب مرتبطة بالمشكلة موضوع الدراسة ، و يتم التخلص من تلك المشكلة التي لا علاقة لها بالمشكلة . وثانياً : يتم اختبار كل فرضية أو حل مقترح للمشكلة عن طريق الأدلة التي توفرت في البيانات و المعلومات التي جمعت .
6. الوصول إلى النتائج و تعميمها : و ذلك بقبول الفرضية التي دعمتها الأدلة التي تم التحقق من صحتها ، حينئذ يوجه المعلم طلابه و يساعدهم في صياغة النتائج النهائية لدراسة المشكلة التي هي بمثابة حل لها على شكل تعميم أو أحكام عامة تصلح لحل بقية المشكلات المشابهة لتلك المشكلة.
كيفية إعداد أنشطة منمية للتفكير الناقد
التفكير الناقد هو قدرة الفرد على إبداء الرأي المؤيد أو المعارض في المواقف المختلفة ، مع إبداء الأسباب المقنعة لكل رأي ، ومن هذا التعريف الإجرائي البسيط يمكن لكل فرد ، أن يزاول هذا النمط من التفكير بصورة ذاتية ، أو من خلال التفاعل مع الآخرين ، ويكفي هنا أن يكون الواحد منا صاحب رأي في القضايا المطروحة ، و أن يدلل على رأيه ببينة مقنعة حتى يكون من الذين يفكرون تفكيراً ناقداً .
و حتى نحصل على هذه القدرة – الطلاب و المعلمون – بدرجة أفضل يهمنا في هذا المقام أن نعرف أين يقع التفكير الناقد على السلم المعرفي عند بلوم ؟ .
لقد صنف بلوم مستويات التفكير الإنساني إلى ستة مستويات هي : المعرفة ، و الفهم ، و التطبيق ، و التحليل ، و التركيب ، و التقويم . و الملفت للنظر أن التفكير الناقد لا يمكن أن ينطلق إذا لم يسبقه تحليل دقيق للموقف المراد نقده ، كما إن إبداء الرأي المؤيد أو المعارض للموقف المحلل هو تقويم ، من هنا نجد أن التفكير الناقد هو من مستويات التفكير العليا و يحتل المستويين الرابع و السادس من مستويات بلوم .
إذن يلزم كمقدمة للتدريب على التفكير الناقد أن ندرب أنفسنا على المهارتين الجزئيتين الرئيسيتين من مهارات التفكير الناقد و هما مهارتا التحليل و التقويم :
أولاً : مهارة التحليل :
تعرف هذه المهارة في مجال التحليل المادي ، على أنها تجزئة الكل إلى مكوناته ، أما في مجال التحليل النوعي ، فتعني المهارة من بين ما تعني : قيمة ووظيفة و علاقة كل مكون بالنسبة لغيره من المكونات ، أو بالنسبة للكل الذي ينتمي إليه ، وكذلك أوجه الشبه ، و الاختلاف بينها جميعاً ، ومثال على ذلك تحليل "الدراجة " :
من الناحية المادية ، مكونات الدراجة هي : المقود ، و المقعد ، و البدالتان ، و العجلتان ، 000
من الناحية النوعية : استخدام الدراجة يؤدي إلى توفير في الطاقة ، و حماية للبيئة من التلوث ، وتحقق استقلالية الفرد .
ثانيا : مهارة التقويم :
تعرف هذه المهارة : بأنها القدرة على إصدار حكم على فرد أو حدث أو ظاهرة استناداً إلى معايير قائمة على القياس أو الوصف .
و مثال على ذلك : تقويم أداء راكب الدراجة ، فإذا قطع مسافة ما في زمن ما بما يتلاءم مع هدف ما ، يقال أن راكب الدراجة ماهر ، و هنا يستند التقويم إلى معايير قياسية ، و إذا كان راكب الدراجة يجلس على كرسي الدراجة ، و يتحرك بها في خط مستقيم ، ويراعي قواعد المرور ، فهنا أيضاً نقول أن راكب الدراجة ماهر ، ولكن التقويم هنا يستند إلى معايير وصفية.
إن معرفة مهارتي التحليل و التقويم يساعدنا في الحكم على مدى إتقاننا أو إتقان معملينا أو طلابنا لهذا التفكير ، فالدقة في التحليل كمياً و نوعياً ، و الاستناد لمعايير التقويم القائمة على القياس أو الوصف هي أمور ضرورية للحكم على فعالية التفكير الناقد .
المراجع
1. الألوسي ،صائب أحمد (1985م) : أساليب التربية المدرسية في تنمية قدرات التفكير الإبتكاري ، رسالة الخليج العربي ، 5(15) ، ص 71-79 .
2. السيد ، عزيزة ، (1995م) : التفكير الناقد – دراسة في علم النفسي و المعرفي ، مصر – دار المعرفة الجامعية .
3. المساد ، إبراهيم عاصي سليم ، 1997م : معرفة معلمي الدراسات الاجتماعية لمهارات التفكير الناقد ومدى ممارستهم لها ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة اليرموك – الأردن.
4. جروان ، فتحي عبدالرحمن (1999م) : تعليم التفكير مفاهيم و تطبيقات ، العين ، الإمارات العربية المتحدة ، دار الكتاب الجامعي .
5. عدس ، عبدالرحمن (1999م) : علم النفس التربوي ، نظرة معاصرة ، عمان – دار الفكر.
6. عصفور ، وصفي و محمد طرخان (1999م) : التفكير الناقد و التعليم المدرسي و الصفي ، مجلة المعلم
7. قطامي ، يوسف (1990) : تفكير الأطفال – تطوره و طرق تعليمه ، عمان ، الأهلية للنشر و التوزيع .
8. قطامي ، يوسف قطامي ، نايفه ، (2000م) : سيكولوجية التعلم الصفي ، عمان- دار الشروق للطباعة و النشر .
9. مايرز ، شيت ، ترجمة عزمي جرار (1993م) : تعليم الطلاب التفكير الناقد ، مركز الكتب الأردني .
10. وجيه ، إبراهيم محمود ،( 1976 ) : التعلم ، القاهرة ، مكتبة الأنجلو المصرية .
11. مرعي ، توفيق و القاعود ، إبراهيم و خريشة ، علي (1993م) : مناهج التربية الاجتماعية و أساليب تدريسها ، مسقط وزارة التربية و التعليم عُمان .
12. Alfaro-Lefevre,Rosalinda(1995):Critical Thinking In Nursing, . Saunders Co .
مع تحيا ت زميلكم / أسامة محمد فؤاد
نتمني لكم دوام التوفيق
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق